زمبرة الجزيرة العذراء...منتوج سياحي بيئي ثقافي قائم بذاته

جزيرة زمبرة

بمكان غير بعيد عن "اكيلاريا القرطاجية" مدينة الصقور (الهوارية) ترامت "زمبرة" الجزيرة العذراء تهمس في أذن الامواج نسائم هادئة فتروي قصص حب عذري عن جزيرة يحتضنها البحر فيلاعبها احيانا ويلقي فيها من بريقه لمعانا ومن هدوئه جمالا عذبا فينحت في مخيلة زوارها صورا لا تمحى ويغضب احيانا أخرى كلما تمنعت عنه وصدته فترتفع الامواج لتنكسر على حجارتها الواحدة تلو الاخرى عسى الحجارة تلين أو عساها تقبل من يطلب ودها.  

"زمبرة" اسم نحتت حوله عديد القصص والأساطير فإذا هي موطن أميرة فرت من سجن ملك شرير ارغمها على الزواج به وهجر حبيبها واذا هي ساحرة اطردت من موطنها بسبب غيرة نساء قبيلتها لتنفى في مكان بعيد خوفا منها ومن جمالها الخلاب الذي سحر كل الرجال.  

"زمبرة" اليوم ما تزال عصية على الازمان وقد اشتد عودها بعد ولم تعد تلك الجزيرة ذات البيئة الهشة بل انها اضحت قادرة على احتضان ضيوف من كل ارجاء العالم غير الحراس و الباحثين او مراقبي هجرة الطيور الذين يتوافدون عليها بين الفينة والاخرى فالجزيرة "منتوج سياحي بيئي وثقافي قائم بذاته".  

كلمات اكدها الكاتب العام لولاية نابل حسونة بن ناجي في تصريح لمراسل "وات" بالجهة على هامش زيارة استطلاعية لجزيرتي "زمبرة" و"زمبرتا" نظمها مركز ولاية نابل لفائدة اعلاميي الجهة خلال هذا الاسبوع في اطار الترويج للمنطقة والتعريف بخصوصياتها الطبيعية والعمل على استقطاب الاستثمارات المحلية او الاجنبية.

وشدد بن ناجي بالقول "يمكن ان تكون زمبرة قبلة للاستثمار "الذكي"، على حد تعبيره، "استثمار يقوم على اسس سليمة تضمن استدامة المنطقة وخاصة عدم الحاق الاضرار بمخزونها البيئي الحيواني والنباتي الكبير والفريد من نوعه والذي يميزها عن غيرها من الجزر وهي قادرة على استقطاب الالاف من السياح ومحبي الطبيعة من التونسيين والأجانب.  

"زمبرة يمكن أن تكون نموذجا للسياحة البيئية الايكولوجية"

وبين ان "زمبرة" قادرة على ان تكون نموذجا للسياحة البيئية الايكولوجية في تونس خاصة وانها مجال لاثراء المنتوج السياحي التونسي وتنويعه بالعمل على استقطاب السياح المترفين من محبي الطبيعة او من المارين من تونس خلال الرحلات البحرية الكبرى (كروازيار)، فضلا عن اهمية تطوير مسلك لسياحة الجزر يمكن ان يشع على كامل معتمدية "الهوارية" وشمال الوطن القبلي والتي تمثل الفضاء الامثل للسياحة البيئية.  

ويضيف رئيس دائرة الغابات عزيز ساسي في السياق ذاته "زمبرة قادرة على احتضان مشروع سياحي بيئي عالمي يمكن من الجمع بين السياحة والترفيه وبين حب الطبيعة واحترام البيئة وهي قادرة على احتضان فضاءات للاقامة لا يمكن تشييدها باستعمال الاسمنت والمواد الصلبة بل باستغلال اغصان الاشجار والمواد الخشبية"، مشددا على ضرورة انجاز دراسة معمقة حول كيفية تثمين المنطقة وفتحها خاصة لمحبي الطبيعة لا لعموم السياح حيث ان الغاية الاولى هي تثمين المنطقة والمحافظة عليها وصيانتها.  

ومن جهة اخرى اشار عزيز ساسي الى وجود امكانيات لتطوير انشطة للرياضة الشراعية او الغوص بمحيط الجزيرة حيث يفوق عمق البحر ال120 مترا، وحيث توجد انواع عديدة من الاسماك ومن النباتات البحرية الفريدة من نوعها في المتوسط.  

قد لا يروق الحديث عن الاستثمار السياحي البيئي في جزيرة "زمبرة" لعديد المدافعين عن الطبيعة ولكن لسائل ان يسأل عن جدوى الحب الاناني، فالجزيرة اليوم قائمة بذاتها والمتابعون لحالتها يؤكدون سلامتها، ولكنها تشكو الجمود وربما الاهمال احيانا بسبب قلة المياه العذبة او حتى بسبب التشدد في شروط الاقتراب منها او زيارتها وهي بالنسبة للكثيرين اقرب الى الجزيرة المنفى غير القادرة على التواصل مع محيطها.  

ويؤكد رئيس دائرة الغابات على ضرورة التشديد في شروط الاستثمار بالمنطقة بهدف المحافظة على خصوصياتها البيئية خاصة وان" زمبرة" و "زمبرتا "مرسمة حديقة وطنية منذ سنة 1977 وهي كذلك محمية مصنفة من نوع خاص لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) باعتبار تنوعها البيولوجي الكبير بما يؤكد الحاجة الى توفير "محافظ بيئي" خاص بالجزيرة فضلا عن تطوير الحراسة بها، ووسائل النقل في اتجاهها.  

"زمبرة ثراء بيئي و موقع استراتيجي خلاب "

عادل بن ظافر هو ابن اول حارس لجزيرة "زمبرة"، كان يلقب ب" العصفور" حيث قضى بها قرابة 40 سنة، كان عادل يحرس الجزيرة مع والده منذ قرابة 23 سنة، وهو اليوم الاكثر غيرة على عليها بيد انه يحلم بان تتطور الى فضاء حي، يقترح انشطة نهارية للسباحة والترفيه في بيوت محترمة للبيئة، ويؤكد على تطوير انشطة تحترم البيئة الطبيعية بالجزيرة من شانه يغير وجه كامل منطقة "الهوارية" وادخال ديناميكية اقتصادية كبيرة عليها.  

وتقع جزيرة زمبرة ذات الشكل الهرمي التي تفوق مساحتها 391 هكتارا في عرض سواحل الهوارية على بعد 9 اميال، أي قرابة 15 كلم من ميناء سيدي داود، ولا يفصلها عن منطقة حلق الوادي سوى 55 كلم، وهي تطل في الان ذاته على صقلية الايطالية.  

وتتمركز بالجزيرة حامية عسكرية من البحرية التونسية، وتوجد بها بقايا منشاة سياحية كانت تستغل في الستينات لفائدة حرفاء كانوا يمارسون فيها انشطة الغطس والصيد في الأعماق إلا انها اليوم بعد ان اهملت اصبحت اقرب الى الاثار او الى هياكل البيوت الخاوية.  

وتعد "زمبرة" اكثر من 266 نوعا من النباتات ومن بينها بالخصوص الزيتون البري ولاسميا بمنطقة وادي الزيتون والعرعر والكبار الشوكي وبها عدد من الحيوانات البرية وخاصة الجوارح على غرار "البرني" و"الساف" والتي تقيم بالجزيرة في فترة هجرة الطيور وغالبا ما تقيم بها اعشاشها بالاضافة الى ارنب "غاران" و" "قط غانتي" و موفلون دي كورس ".