ثمرة اليقطين (القرع الأحمر ) بقلعة الاندلس بين وفرة المنتوج وعوائق الترويج

القرع الأحمر

قلعة الاندلس من ولاية اريانة هي قلعة ثمرة اليقطين (القرع الاحمر) بلا منازع. بمجرد أن تدخل المدينة من منفذها الرئيسي بشارع البيئة تجدها بالمزارع والحقول اكواما مكدسة بلونها الداكن. ربما تعترض سبيلك أيضا وقد اعتلت اسطح المنازل القصديرية أو مخابئ الحيوانات ربما لدرء المخاطر. هي لدى بعض الأهالي تميمة تطرد عين الحسود لكن الثابت ان منتوج اليقطين بقلعة الاندلس متوفر بشكل لافت ويفرض طرح اكثر من سؤال حول جدواه وكيفية تسويقه.

وجهتنا الاولى كانت طريق البحر. طريق دلنا عليها شيخ ستيني من أصيلي المنطقة وهو يحث الخطى نحو منزله خشية ان تفاجئه امطار الخريف ومع انحناءات الطريق تطالعك حقول اليقطين يمينة ويسرة شاسعة تحتضن منتوجها كأم رؤوم .

وعلى بعد اميال من احد الحقول يقف طارق الغربي وهو فلاح منتج لليقطين ليتحسرعلى سنوات خلت كان منتوجه يذهب بالكامل ليروج في السوق الايطالية والجزائرية والليبية. يقول طارق "صابة اليقطين بقلعة الاندلس تناهز 15 الف طنا سنويا بوجود نحو 500 فلاح منتج لها وكان التجار من ليبيا والجزائر يتسابقون بشاحناتهم لرفع المنتوج بالكامل بمجرد ان تطرح الارض ثمرة اليقطين خلال شهر سبتمبر من كل سنة لكن الامر تغير بعد الثورة وأصبحت عملية التسويق صعبة بل تكاد تكون مستحيلة في ظل الاداءات المجحفة التي تفرضها الديوانة التونسية على الحمولة الواحدة من القرع الاحمر في اتجاه البلدان المغاربية والتي تصل إلى ما يقارب 7 آلاف دينار".

ويضيف انه تكبد خسائر فادحة بسبب الانقطاع المستمر لمياه الري وصعوبة الترويج في الاسواق الداخلية والخارجية في غياب استراتيجية واضحة للدولة لإنقاذ صابة اليقطين من التلف بفرضها للضرائب على الراغبين في شراء محاصيلهم من اليقطين الاحمر.

تركنا حقول اليقطين المنتشرة بطريق البحر وتحولنا الى احد اهم المزارع بقلعة الاندلس من جهة الغرب باعتماد مسلك فلاحي على طول كيلومترين كانت كفيلة لنقف على هشاشة البنية التحتية بهذه المنطقة الفلاحية.

 هناك التقينا حسن كعبية وهو فلاح ومنتج لليقطين ايضا منذ عشرات السنين حيث اكد "ان منتوجه ما يزال على حاله يفترش الارض في انتظار نصيبه من التسويق"، مشيرا الى الصعوبات المالية التي يواجهها وديونه المتراكمة بسبب ما اعتبره "لامبالاة السلطات الجهوية بتثمين مادة القرع الاحمر ودعم ترويجه في مسالك التوزيع الداخلية والأسواق الخارجية".

وفرة المنتوج ومعضلة التسويق:

من جهته تحدث محسن القروي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين باريانة عن معضلة تسويق اليقطين التي قال إنها تفاقمت في السنوات الاخيرة وأصبحت مصدر خسارة ومعاناة لفلاحي الجهة الذين كانوا يعولون كثيرا على السوق الليبية والجزائرية لترويج منتوجهم من القرع الاحمر بكل سهولة ويسر، لاسيما وان التجار من هذه البلدان كانوا يتحولون خصيصا الى منطقة قلعة الاندلس لشراء كامل منتوج اليقطين بنسبة قد تصل في كثير من الاحيان الى 100 بالمائة.

وأضاف القروي ان صابة اليقطين الاحمر بالمنطقة تناهز سنويا 14 الف طن لكنها تراجعت في السنوات الخمس الاخيرة لعزوف عدد هام من فلاحي قلعة الاندلس عن زراعتها بسبب معوقات الترويج، ملاحظا أن قلعة الاندلس تعد من اكبر المناطق المنتجة للقرع في الجمهورية إذ تبلغ المساحات المخصصة لزراعة القرع الاحمر حوالي 350 هكتارا وينتج الهك الواحد نحو 40 طنا ويتوفر على مميزات وفوائد جمة غذائية وتجميلية وصحية ومنافعه عديدة خاصة لدى مستهلكيه من الاطفال وكبار السن.

وعبر القروي عن امله في ان تسارع السلطات الجهوية والمصالح الفلاحية بولاية اريانة لوضع برنامج ترويجي لمنتوج "اليقطين الاحمر القلعاوي" لكونه يتميز بخصوصية فريدة من نوعها تتمثل في قدرته على الصمود والديمومة لأشهر عدة في الهواء الطلق دون الحاجة لخزنه وتبريده.

مميزات صحية وجمالية للقرع الاحمر

ولأن اليقطين الاحمر بقلعة الاندلس يحتوي على مميزات صحية وجمالية عدة، حسب رأيهما، فقد اختارت كل من تركية بن محرز وايمان الزيد وكلتاهما من حاملي الشهادات العليا استثماره لصنع منتوجات غذائية طبيعية وصحية واخرى تجميلية من خلال تحويل القرع الاحمر القلعاوي الى مربى ومشروب طبيعي وعجين الحلقوم الى جانب اعداد قوالب الصابون ومستحضرات تجميلية للبشرة من ثمرة اليقطين.

تقول تركية بن محرز "انطلقنا بفكرة احداث ورشة لتثمين القرع الاحمر القلعاوي بالمنزل فقمنا باستغلال منتوج اليقطين المتوفر بكثرة في قلعة الاندلس وتحويله الى مواد غذائية طبيعية باستعمال آلات تقليدية بسيطة".

وتابعت وهي لا تخفي افتخارها "هذه المواد استحسنها المستهلكون خلال تجوالنا بمعارض الصناعات التقليدية او لدى مشاركاتنا بالفضاءات التابعة لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري من المنتج الى المستهلك" .

وأكدت بن محرز ان منظمة العمل الدولية وفي اطار المخطط الجهوي للتنمية والتشغيل للشباب قامت بتمويل مشروع لتثمين منتوج اليقطين وتحويله عبر جمعية دعم المبادرات التنموية لكن بسبب بعض الاشكاليات التنظيمية، اختارت الجمعية منطقة التضامن لانجاز المشروع بعد شراء كافة التجهيزات اللازمة لتحويل القرع الاحمر لمواد غذائية ومرطبات ومواد تجميلية. إلا أنه في غياب المنتوج واليد العاملة بالتضامن ظلت التجهيزات حبيسة مقر الجمعية دون التمكن من الاستفادة منها حسب قولها .

وطالبت محدثتنا في هذا المجال والية اريانة سلوى الخياري بالتدخل لدى الجمعية للإفراج عن التجهيزات وتمكينها وزميلتها منها ولو على وجه الكراء لتطوير ورشة عملهم وإثراء منتوجهما من القرع الاحمر المحول.

ويشار الى ان للقرع الاحمر وهو من افضل انواع القرع فوائد صحية يحددها خبراء التغذية بكونها ضرورية لجسم الانسان. فهو يحتوي على 90 بالمائة من وزنه ماء وغني بالأملاح المعدنية والفيتامينات والبروتينات .

ويعرف القرع الاحمر بقدرته على طرد الديدان من الجسم البشري وخاصة لدى الاطفال كما يساعد على نمو العظام والأسنان ويحد من الاصابة بالأمراض الخبيثة مثلما يعالج الام الراس والصداع وبعض الامراض الجنسية وأمراض الجهاز البولي.