متحف باردو يستضيف ملتقى حول "التراث والمجتمع المدني"

متحف باردو

التأم يوم  أمس السبت بمتحف باردو ملتقى حول "التراث والمجتمع المدني بتونس" نظمه "برنامج دعم المجتمع المدني" بالشراكة مع وزارة الشؤون الثقافية وبحضور ممثلين عن المجتمع المدني ومجموعة من المتدخلين والفاعلين في القطاع الثقافي، للتشاور حول موضوع التراث بكل من ولايات تونس وبن عروس وأريانة ومنوبة.  

وذكرت منسقة برنامج دعم المجتمع المدني بتونس، آمنة الجبلاوي، أن هذا الملتقى الذي يأتي في إطار تكريس المقاربة التشاركية بالقطاع الثقافي وتعزيز مساهمة المجتمع المدني في صياغة السياسات الثقافية يمثل تتويجا لجولة لقاءات تشاورية كانت قد انطلقت منذ 6 أوت 2016 في جزيرة جربة لتتحول إثرها إلى كامل ولايات الجمهورية.

وأكد، المدير العام للمعهد الوطني للتراث، فتحي البحري، في مداخلته خلال هذا اللقاء على أهمية مساهمة المجتمع المدني في الحفاظ على الثروة الوطنية، مشيدا بالدور الذي قامت به بعض الجمعيات في صيانة وترميم كل من معلم سيدي بوسعيد الباجي (الضاحية الشمالية للعاصمة) والسيدة المنوبية (غرب العاصمة) على إثر "الهجمة الشرسة التي طالت حوالي 112 زاوية في كامل تراب الجمهورية في نهاية سنة 2013 وبداية 2014"، حسب قوله.

ولفت البحري الى الخطر الذي بات يحدق بالهندسة المعمارية للمدن العتيقة "التي تحولت بعض بناءاتها الى مخازن للسلع المستوردة من الصين" على حد قوله.  

ومن جهته، اعتبر رجل الثقافة، رجاء فرحات أن "تفاني علماء التراث في الحفاظ على الثروة الوطنية لا يكتمل إلا بوجود سلطة جهوية مباشرة تحنو على الآثار وعلى جمالية التراث التونسي" مشيرا إلى الجهود التي بذلها المغرب الشقيق في مجال إحياء الحرف التقليدية كالنقش على الحديد والنقش على الرخام والهندسة المعمارية وهندسة المياه مما جعل "كل زاوية في مراكش تحفة أثرية وأضفى عليها نمطا حياتيا وحضاريا أندلسيا بامتياز وجعلها وجهة للسياحة العالمية".  

واستعرضت ممثلة وزارة الثقافة، آمال حشانة الزريبي عددا من الاتفاقيات الدولية والنصوص القانونية في مجال التراث المادي واللامادي على غرار اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح (14 ماي 1954) واتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي (16 نوفمبر 1972) واتفاقية سنة 2003 تتعلق بصون التراث الثقافي غير المادي.

كما قدمت تعريفا للممتلكات الثقافية وتحديدا لبعض المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالتراث المادي واللامادي بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" مشددة على ضرورة الحفاظ على التراث ببعديه المادي وغير المادي باعتباره عاملا من عوامل حماية الهويات الثقافية للإنسانية جمعاء.  

و تواصلت أشغال الملتقى على امتداد يوم السبت من خلال ثلاث ورشات تهتم الأولى بتقييم الأطر القانونية المتعلقة بالتراث وسبل تطويرها، وتتناول الثانية مسألة التراث المادي وغير المادي فيما تركز الورشة الثالثة على دور التراث في التنمية المحلية بالاعتماد على موقع "أوذنة" كنموذج. وسيختتم المتلقى بتقديم مقترحات وتوصيات المشاركين في هذه الورشات.  

جدير بالذكر أن برنامج دعم المجتمع المدني الذي يموله الإتحاد الأوروبي بقيمة 3.4 مليون أورو يهدف إلى تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني وخلق فضاءات للحوار مع تعزيز مبادئ التعاون بين الفاعلين في القطاع العام ومنظمات المجتمع المدني وذلك لتطوير أعمال محلية وجهوية رائدة ومشتركة يمكن النسج على منوالها في أماكن أخرى. ويعمل هذا البرنامج في تونس من خلال ستة مكاتب جهوية بكل من تونس والكاف وسوسة وقفصة وتوزر ومدنين فضلا عن أكثر من 15 نقطة اتصال موزعة على كامل تراب الجمهورية.