أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن صدور أول كتاب بعد الثورة حول ''مسار الانتقال الديمقراطي '' تحت عنوان الدستور التونسي، المسار والآفاق من 2011 إلى 2014، وذلك خلال حفل أقيم الليلة الماضية بقمرت (الضاحية الشمالية) بمشاركة ثلة من السياسيين التونسيين وعدد من السفراء وممثلي الدول الأجنبية المعتمدين بتونس فضلا عن مشاركة وفود من كل من ليبيا والجزائر وفلسطين والعراق وجيبوتي.
وأكد حسن العرفاوي مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون الثقافية في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، أن اعتماد دستور توافقي في تونس شكل ''لحظة فارقة في تأسيس الانتقال الديمقراطي'' مبينا أن ''الطريق إلى الديمقراطية منذ الثورة إلى الدستور إلى، غاية الانتخابات الأخيرة ،كان مفتوحا بفضل قدرتنا الجماعية على التصرف بحكمة إزاء صراعاتنا وتحلينا بروح التوافق وتفعيل تقاليدنا القائمة على امتصاص العنف'' .
واعتبر رئيس الجمهورية أن ''دستور 27 جانفي 2014 جسد توافقا جيدا دون أن يكون مثاليا او غير قابل للمراجعة''، مبرزا أنه يتضمن قطيعة مع الممارسات السلطوية ويندرج في إطار عهد ديمقراطي جديد ''.
وتعهد قائد السبسي برعاية هذا الدستور والسهر على احترامه طبقا للصلاحيات المخولة له بموجب 'الفصل 72' ومواصلة التزامه بضمان وحماية وتعزيز الحريات الشخصية للتونسيين.
وأوضح أن تونس ''عرفت كيف تتعامل مع الانتقال الديمقراطي وما تزال متمسكة بالشعلة التي أوقدتها عام 2011 لكي تقول أن الحرية ليست مستحيلة في العالم العربي والإسلامي'' مشيرا إلى أن التحديات ''تبقى كثيرة ولاسيما على الأصعدة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية''.
ولاحظ عادل عبد اللطيف كبير مستشاري الشؤون الإستراتيجية في المكتب الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من جهته، أن اعداد هذا الكتاب الذي أعلن اليوم عن صدوره ''استغرق أكثر من عامين من العمل تحت رعاية رئاسة الجمهورية التونسية، وتطلب إعداده جهدا كبيرا لجمع مجموعة هامة من الشهادات تستعرض مسار الانتقال الديمقراطي في تونس برمته بما في ذلك اسهامات لمجموعة من الجهات السياسية والمؤسسات ذات الصلة وخبراء وطنيين ودوليين ''.
وابرز أوليفيه بيار لوفو المسؤول عن المركز الإقليمي للدعم والسياسات والبرامج المعنية بالدول العربية في تصريح لوات أن ''الهدف من إصدار هذا الكتاب ، يتمثل في تسليط الضوء على نجاح تجربة تونس في إرساء مسار الانتقال الديمقراطي بعد ثورة الياسمين بما جعل منها مثالا ''يحتذى به في كل الدول العربية''، مبينا أن الكتاب هو "ثمرة 'جهد جماعي'' ساهم فيه إلى جانب منظمة الأمم المتحدة، العديد من الأطراف الفاعلة بتونس على غرار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وخبير القانون التونسي عياض بن عاشور.
ولاحظ المسؤول الاممي، أن التحول الاجتماعي والسياسي الذي انتهجته تونس بعد ثورة 2011 وسعيها إلى تشريك كل أطياف المجتمع التونسي، ساهم في صياغة دستور عصري وديمقراطي أثار اهتمام العديد من المراقبيين في المنطقة العربية وخارجها ، مشيرا إلى أن تعزيز العملية الديمقراطية في اي مكان من العالم يتحقق من خلال الاستجابة السريعة إلى قواعد التغيير والقطع مع الماضي ونبذ العنف وإرساء أسس سليمة لبناء الدولة الحديثة ''وهو التحدي الذي واجهته تونس منذ 2011 ونجحت فيه ' ' وفق قوله.
وأكد لوفو أن كل هذه العوامل الايجابية ساهمت في بلورة فكرة توثيق مسار الانتقال الديمقراطي بتونس بعد مصادقة المجلس التأسيسي في 24 فيفري 2014 على الدستور الثاني للبلاد، في ''كتاب'' حتى يتمكن المهتمون من الاقتداء بتجربة تونس الرائدة في هذا المجال والاستفادة منها عبر المنطقة العربية والعالم بأسره لاسيما البلدان التي تعرف تجارب وتحديات مشابهة ، ترتبط بالتحول السلمي نحو الديمقراطية.
ويشار إلى أن الكتاب يحتوي على 631 صفحة موزعة على جزئين هما '' مسار"' الانتقال الديمقراطي بتونس و''محتوى الدستور'' وسيكون متاحا على شبكة الانترنت بثلاث لغات (العربية والفرنسية والانقليزية).